الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **
وفي يوم الأحد ثاني محرم سنة تسع وخمسين وثمانمائة اشيع بين الناس وقوع فتنة وكثر كلام الناس في هذا المعنى حتى بلغ السلطان ذلك فلم يلتفت السلطان لقول من قال. وفي يوم الأربعاء رابع عشرين صفر من سنة تسع وخمسين المذكورة وصل مملوك الأمير جانبك التاجي للمؤيدي نائب غزة يخبر بموت الأمير جلبان نائب الشام ثم وصل بعد ذلك سيف جلبان المذكور على يد يشبك المؤيدي الحاجب الثاني. ثم في يوم الخميس خامس عشرين صفر رسم السلطان للأمير قاني باي الحمزاوي نائب حلب بأن يستقر في نيابة الشام عوضًا عن جلبان بحكم وفاته وحمل إليه التقليد والتشريف الأمير يونس العلائي الناصري المعزول قبل تاريخه عن نيابة الإسكندرية. وخلع السلطان في اليوم المذكور على الأمير جانم الأشرفي باستقراره في نيابة حلب عوضًا عن قاني باى الحمزاوي على كره من جانم المذكور في ذلك. واستقر مسفر جانم الأمير بردبك الدوادار الثاني وصهر السلطان مع توجه بردبك أيضًا إلى تركة الأمير جلبان بدمشق. وأنعم السلطان بإقطاع جانم المذكور على الأمير يونس العلائي المقدم ذكره وهو إمرة مائة وتقدمة ألف. وأنعم بإقطاع يونس المذكور على الأمير بردبك الدوادار وصار بردبك أمير طبلخاناه. وأنعم بإقطاع بردبك المذكور على أرغون شاه وتنبك الأشرفيين كل واحد منهما أمير خمسة. وفي يوم الاثنين تاسع عشرين صفر من سنة تسع وخمسين وثمانمائة المذكورة استقر شمس الدين نصر الله بن النجار ناظر الدولة وزيرًا عوضًا عن سعد الدين فرج بن النحال بحكم عزله فلم تر عيني فيما رأيت ممن لبس خلع الوزارة أقبح زيًا منه حتى إنه أذهب رونق الخلعة مع حسن زي خلعة الوزارة وأبهة صفتها. ولو من الله سبحانه وتعالى بأن يبطل اسم الوزير من الديار المصرية في هذا الزمان كما أبطل أشياء كثيرة منها لكان ذلك أجود وأجمل بالدولة ويصير الذي يلي هذه الوظيفة يسمى ناظر الدولة لأن هذا إلاسم عظيم وقد سمي به جماعة كبيرة من أعيان الدنيا قديمًا وحديثًا في سائر الممالك والأقطار مثل جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي وغيره إلى الصاحب إسماعيل بن عباد وهلم جرًا إلى القاضي الفاضل عبد الرحيم ثم بني حناء وغيرهم من العلماء والأعيان إلى أن تنازلت ملوك مصر في أواخر القرن الثامن حتى وليها في أيامهم أوباش الناس وأسافل الكتبة إلاقباط وتغير رسومها وذهب بهم أبهة هذه الوظيفة الجليلة التي لم يكن في الإسلام بعد الخلافة أجل منها ولا أعظم وصارت بهؤلاء الأصاغر في الوجود كلا شيء. وليت مع ذلك كان يلي هذه الوظيفة من هؤلاء إلاسافل من يقوم بما هو بصدده بل يباشر ذلك بعجز وضعف وظلم وعسف مع ما يمده السلطان بإلاموال من الخزانة الشريفة فليت شعري لم لا كان ذلك مع من هو أهل للوزارة وغيرها فلا قوة إلا بالله. وباشر ابن النجار الوزر أشر مباشرة وأقبح طريقة ولم تطل أيامه وعجز وبلغ السلطان عجزه. فلما كان يوم الخميس أول شهر ربيع الآخر طلب السلطان الوزراء الثلاثة ليختار منهم من يوليه وهم: ابن النجار الذي عجز عن القيام بالكلف السلطانية والصاحب أمين الدين بن الهيصم وسعد الدين فرج بن النحال فوقع فيه واقعة طريفة: وهي أن السلطان لما أصبح وجلس على الدكة من الحوش استدعى أولا ابن النجار فقيل له: هرب واختفى فطلب أمين الدين بن الهيصم فقيل له: مات في هذه الليلة وإلى الآن لم يدفن فطلب فرج بن النحال فحضر وهو الذي فضل من الثلاثة فكلمه السلطان أن يستقر وزيرًا على عادته فامتنع واعتذر بقلة متحصل الدولة وفي ظنه أن السلطان قد احتاج إليه بموت ابن الهيصم وتسحب ابن النجار وسرع يكرر قوله بأن غالب بلاد الوزر خرب وأن لحم المماليك السلطانية المرتب لهم في كل يوم ثمانية عشر ألف رطل خلا تفرقة الصرر التي تعطى لبعض المماليك السلطانية وغيرهم عوضًا عن مرتب اللحم. فلما زاد تمنعه أمر به السلطان فحط إلى الأرض وتناولته رؤوس النوب بالضرب المبرح إلى أن كاد يهلك ثم أقيم ورسم عليه بالقلعة عند الطواشي فيروز الزمام والخازندار إلى أن عملت مصالحة وأعيد للوزر. وفي يوم الخميس تاسع عشرين شهر ربيع الآخر أنعم السلطان على الأمير قانم من صفر خجا المؤيدي المعروف بالتاجر بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية بعد موت خيربك إلاجرود المؤيدي وأضيف إقطاع المذكور وهو إمرة طبلخاناه إلى الدولة. ثم في يوم الاثنين سلخ جمادى الآخرة كانت وقعة المماليك الظاهرية الجقمقية مع الملك الأشرف إينال. وسبب هذه الفتنة ثورة المماليك الأجلاب أولًا وأفعالهم القبيحة بالناس ثم عقب ذلك أن السلطان كان عين تجريدة إلى البحيرة نحوًا من خمسمائة مملوك وعليهم من أمراء الألوف الأمير خشقدم المؤيدي أمير سلاح والأمير قرقماس رأس نوبة النوب وعدة من أمراء الطبلخانات والعشرات ورسم لهم السلطان بالسفر في يوم الاثنين. هذا ولم يفرق السلطان على المماليك المكتوبة للسفر الجمال على العادة فعظم ذلك عليهم وامتنعوا إلى أن أخذوا الجمال. وسافر الأمير خشقدم في صبيحة يوم الاثنين المذكور وتبعه الأمير قرقماس في عصر نهاره وأقاما ببر منبابة تجاه بولاق فلم يتبعهم أحد من المماليك المعينة معم بل وقف غالبهم بسوق الخيل تحت القلعة ينتظرون تفرقة الجمال عليهم إلى أن انفض الموكب السلطاني ونزلت الأمراء إلى جهة بيوتهم. فلما صار الأمير يونس الدوادار بوسط الرميلة احتاطت به المماليك الأجلاب وعليه الكلفتاة وقماش الخدمة وداروا حوله وهم في كثرة وأرادوا الكلام معه بسبب زيادة جوامكهم وأنه يكلم السلطان فتبين لمماليك يونس الغدر بأستاذهم فتحلقوا عليه ومنعوهم من الوصول إليه فصار يونس في حلقة من مماليكه ومماليكه في حلقة كبيرة من المماليك الأجلاب. وطال الأمر بينهم ويونس لا يستطيع الخروج. وتحقق الغدر فأمر مماليكه بإشهار سيوفهم ففعلت ذلك ودافعت عنه وجرح من المماليك الأجلاب جماعة وقطع أصابع بعضهم وشق بطن آخر على ما قيل. فعند ذلك انفرجت ليونس فرجة خرج منها غارة إلى جهة داره ونزل بها ورمى عنه قماش الموكب ولبس قماش الركوب وطلع من وقته إلى القلعة من أعلى الكبش ولم يشق الرميلة وأعلم السلطان بخبره. فقامت لذلك قيامة المماليك الأجلاب وقالوا: " نحن ضربناهم بالدبابيس فضربونا بالسيوف " وثاروا على أستاذهم ثورة واحدة وساعدهم جماعة من المماليك القرانيص وغيرهم لما في نفوسهم من السلطان لعدم تفرقة الجمال وغيرها ووقفوا بسوق الخيل وأفحشوا في الكلام في حق السلطان وهددوه إن لم يسلم لهم الأمير يونس والسلطان لا يتكلم إلى أن حركه بعضهم فأرسل إليهم بالأمير جانبك الناصري المرتد والطواشي مرجان مقدم المماليك السلطانية فسإلاهم عن غرضهم فقالوا بلسان واحد: " نريد غريمنا الأمير يونس " وخشنوا في القول. فعاد جانبك بالجواب فأرسل السلطان إليهم ثانيًا بنوكار الزردكاش فأعادوا له القول الأول. ثم ساقوا غارة إلى بيت يونس الدوادار فمنعوهم مماليكه من الدخول إلى دار يونس فجاؤوا بنار ليحرقوا الباب فمنعوهم من ذلك أيضًا فعادوا إلى سوق الخيل فوافوا المنادي ينادي من قبل السلطان بالأمان فمالوا على المنادي بالدبابيس فسكت من وقته وهرب إلى حال سبيله. هذا وقد طلعت جميع أمراء الألوف إلى عند السلطان والسلطان على حالة السكوت غير أنه طلب بعض مماليكه الأجلاب الأعيان وكلمه بأنه يعطي من جرح من الأجلاب ما يكفيه وأنه يعطي للذي قطعت أصابعه إقطاعًا ومائة دينار فلم يقع الصلح وانفض الأمر على غير طائل لشدة حر النهار. ولما تفرقت المماليك نزلت الأمراء إلى دورهم ما خلا الأمير يونس الدوادار فإنه بات في القلعة. فلما أصبح يوم الثلاثاء أول شهر رجب ضرب السلطان الكرة مع الأمراء بالحوش السلطاني من القلعة. وفرغ من ذلك وأراد كل أمير أن ينزل إلى داره فبلغهم أن المماليك الأجلاب وقوف على حالهم الأول بسوق الخيل بغير سلاح كما كانوا في أمسه فانثنى عزمهم عن النزول وعادوا إلى القلعة. فلما تضحى النهار أرسل إليهم السلطان بأربعة أمراء وهم: الأمير يونس العلائي أحد مقدمي الألوف وسودون الإينالي المؤيدي قراقاش رأس نوبة ثان ويلباي الإينالي المؤيدي أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة وبردبك البجمقدار أحد الطبلخانات أيضًا ورأس نوبة فنزلوا إليهم من القلعة فما كان إلا أن وقع بصر المماليك الأجلاب على هؤلاء الأمراء احتاطوا بهم وأخذوهم بعد كلام كثير ودخلوا بهم إلى بيت الأمير خشقدم أمير سلاح تجاه باب السلسلة ورسموا عليهم بعضهم. كل ذلك والمماليك الظاهرية الجقمقية وقوف على بعد لا يختلفون بهم لينظروا ما يصير من أمرهم. فلما وقع ما ذكرناه تحققوا خروجهم على أستاذهم وثار ما عندهم من الكمائن التي كانت كامنة في صدورهم من الملك الأشرف إينال لما فعل بابن أستاذهم الملك المنصور عثمان وحبس خجداشيتهم وتقريب أعدائهم الأشرفية مماليك الأشرف برسباي فانتهزوا الفرصة وانضافوا إلى المماليك الأجلاب وعرفوهم أن الأمر لا يتم إلا بحضرة الخليفة ولبس السلاح. فساق قاني باي المشطوب أحد المماليك الظاهرية من وقته إلى بيت الخليفة القائم بأمر الله حمزة وكان في الخليفة المذكور خفة وطيش فمال إليهم ظنا أنه يكون مع هؤلاء وينتصر أحدهم ويتسلطن فيستفحل أمره ثانيًا أعظم من الأول. وسببه أنه كان لما ولاه الظاهر جقمق الخلافة بعد أخيه المستكفي بالله سليمان صار تحت أوامر الظاهر لأنه هو الذي استخاره وولاه الخلافة. فلما ثار إينال على المنصور عثمان وطلبه وجاء إلى عنده قوي أمر إينال بمجيء الخليفة عنده. فلما تسلطن عرف إينال له ذلك ورفع محله أضعاف ما كان أولًا وزاده عدة إقطاعات وصارت له حرمة وافرة في الدولة إلى الغاية. فلما كانت هذه الفتنة ظن في نفسه أنه يوافقهم فإذا تسلطن أحد منهم رفع محله زيادة على ما فعل إينال ويصير الأمر كله بيده وما يدري بأن لسان الحال يقول له: الرجز خير الأمور الوسط حب التناهي غلط ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ولما حضر الخليفة عندهم تكامل لبسهم السلاح وانضافت إليهم خلائق من المماليك السيفية وأوباش الأشرفية وغيرهم من الجياع الحرافيش. فلما رأت الأجلاب أمر الظاهرية حسبوا العواقب وخافوا زوال ملك أستاذهم فتخلوا عن الظاهرية قليلًا بقليل وتوجه كل واحد إلى حال سبيله فقامت الظاهرية بالأمر وحدهم وما عسى يكون قيامهم من غير مساعدة وقد تخلى عنهم جماعة من أعيانهم وخافوا عاقبة هذه الفتنة!. هذا وقد تعبأ السلطان لحربهم ونزل من القلعة إلى باب السلسلة من الإسطبل السلطاني. وتناوش القوم بالسهام وأرادوا المصاففة فتكاثر عليهم السلطانية وصدموهم صدمة واحدة بددوا شملهم بل كانوا تشتتوا قبل الصدمة أيضًا. وهجموا السلطانية في الحال إلى بيت الأمير خشقدم أمير سلاح وأخذوا الأمراء المرسم عليهم وأخذوا فيمن أخذوا الخليفة معهم وطلعوا بهم إلى السلطان. فلما رأى السلطان الخليفة وبخه بالكلام الخشن وأمر بحبسه بالبحرة من قلعة الجبل وخلعه من الخلافة بأخيه يوسف في يوم الخميس ثالث شهر رجب المذكور. ثم سفر الخليفة القائم بأمر الله المذكور في يوم الاثنين سابع رجب إلى سجن الإسكندرية فسجن بها مدة سنين ثم أطلق من السجن وسكن بالإسكندرية إلى أن مات بها في أواخر سنة اثنتين وستين وثمانمائة. ولما بلغ الأميرخشقدم أمر هذه الفتنة عاد من برمنبابة وطلع إلى القلعة ومعه رفيقه قرقماس رأس نوبة النوب في يوم الأربعاء وحضرا الموكب في باكر يوم الخميس ثم عادا إلى برمنبابة بمخيمهما. ثم فرق السلطان الجمال على المماليك السلطانية وسافروا صحبة الأميرين المذكورين إلى ما عينوا إليه. وتفرقت من يوم ذاك أجلاب السلطان فرقتين: فرقة وهم الذين اشتراهم من كتابية الظاهر جقمق وابنه وفرقة اشتراهم هو في أيام سلطنته. وقويت الفرقة الذين اشتراهم على الفرقة الظاهرية ومنعوهم من الطلوع إلى القلعة والسكنى يالأطباق وقالوا ما معناه: " إنكم سودتم وجوهنا عند أستاذنا ". وأظن ذلك كله زورًا وبهتانًا مع أن الأشرف كان هو لا يقطع فيهم قربته بهذا ولا بغيره وهو مستمر على محبتهم كما كان أولًا فلعمري إذا كان هذا فعلهم به وهو راض فما عساه يرجعهم عن ظلم غيره! فهذا مستحيل. ولما انتهت الوقعة وخلع السلطان الخليفة أمسك جماعة من المماليك الظاهرية وحبسهم بالبرج من قلعة الجبل ونفى بعضهم واختفى بعضهم وأخرج قوزي الساقي الظاهري وكان تأمر عشرة ومعه عشرين مملوكًا من المماليك الظاهرية إلى البلاد الشامية مع أن قوزي المذكور لا في العير ولا في النفير. وسافروا في يوم الجمعة تاسع شهر شعبان وسكن الأمر كأنه لم يكن لحسن سياسة السلطان في تسكين أخلاط الفتن انتهى. وفي يوم الأربعاء حادي عشرين شعبان ورد الخبر على السلطان بمسك الأمير يشبك النوروزي نائب طرابلس بأمر السلطان لأن السلطان كان قبل تاريخه أرسل إينال الجلباني القجقي الخاصكي إلى طرابلس وعلى يده ملطفات في الباطن بمسك يشبك المذكور وحبسه بالمرقب. وتولى عوضه نيابة طرابلس الأمير حاج إينال اليشبكي نائب حماة وحمل إليه التقليد والتشريف الأمير يشبك الفقيه المؤيدي واستقر في نيابة حماة عوضه الأمير إياس المحمدي الناصري نائب صفد وحمل إليه التقليد والتشريف الأمير قانصوه المحمدي الأشرفي واستقر في نيابة صفد عوضًا عن إياس الأمير جانبك التاجي المؤيدي نائب غزة وحمل إليه التقليد تمرباي من حمزة المعروف بططر الناصري واستقر في نيابة غزة عوضًا عن جانبك التاجي خيربك النوروزي أحد أمراء صفد ومسفره سنقر قرق شبق الأشرفي الخاصكي. ثم رسم السلطان أيضًا بنقل الأمير آقبردي الساقي الظاهري من أتابكية حلب إلى نيابة ملطية بعد عزل قاني باي الناصري واستقر في أتابكية حلب عوضًا عن آقبردي سودون من سيدي بك الناصري القرماني أتابك طرابلس وصار مغلباي البجاسي أحد أمراء طرابلس وحاجب حجابها أتابك طرابلس عوضًا عن سودون القرماني المذكور. وولي حجوبية طرابلس يشبك دوادار قاني باي البهلوان وهو رجل من الأوباش لم تسبق له رئاسة بالبذل انتقل إليها من نيابة المرقب. ثم أخرج السلطان سنطباي الظاهري رأس نوبة الجمدارية كان منفيًا إلى طرابلس في أوائل شهر رمضان. ثم في يوم الأحد عاشر شهر رمضان المذكور ورد الخبر على السلطان من مكة بموت الشريف بركات بن حسن بن عجلان أمير مكة فأقر السلطان ولده الشريف محمدًا في إمرة مكة عوضه بسفارة الأمير جانبك الظاهري نائب جدة بمكاتبته. ثم وصل نائب جدة بعد ذلك إلى القاهرة وتم أمر ولاية محمد بقدومه بخمسين ألف دينار يحمل منها عاجلًا عشرين ألف دينار وما بقي آجلًا على نفذات متفرقة هكذا حكى لي الأمير جانبك من لفظه. هذا غيرما يدفعه الشريف محمد المذكور لأرباب الدولة بالديار المصرية ولولد السلطان وزوجته فإن زوجة السلطان وولده صار لهما نصيب وافر مع السلطان في كل هدية ورشوة. ثم رسم السلطان أيضًا بعزل أبي السعادات قاضي مكة وولاية الإمام محب الدين الطبري إمام مقام إبراهيم عليه السلام بغير سعي. ورسم أيضًا باستقرار الشيخ برهان الدين إبراهيم ابن ظهيرة في نظر حرم مكة بعد عزل الشيخ طوغان الأشرفي عنها وخرج إليهما الأمر صحبة الحاج في الموسم. وكان أمير حاج المحمل في هذه السنة الأمير بردبك البجمقدار الظاهري أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة وأمير الركب الأول الناصري محمد ابن الأمير جرباش المحمدي الأمير آخور الكبير وصحبته والدته خوند شقراء بنت الناصر فرج بن برقوق. وسافر أيضًا في هذه السنة إلى الحجاز الأمير بيبرس الأشرفي خال العزيز يوسف باشًا للمماليك السلطانية المجاورين بمكة المشرفة. وفي أوائل ذي القعدة رسم السلطان بهدم تربته التي كان أنشأها أيام إمرته وأعادتها مدرسة وخلع على الصاحب جمال الدين يوسف ناظر الجيش والخاص بالنظر على عمارتها. وفي عشر ذي الحجة وهو يوم عيد إلاضحى صلى السلطان صلاة العيد بالجامع الناصري بقلعة الجبل ثم خرج من الجامع بسرعة وذهب إلى الحوش السلطاني ونحر ضحاياه به. وكان العادة أن السلطان إذا خرج من صلاة العيد جلس بإلايوان ومعه الأمراء وذبح له ثم يتوجه من إلايوان إلى باب الستارة وينحر به أيضًا ويفرق ما يذبحه ثم بعد ذلك يتوجه إلى الحوش ويذبح به فلم يفعل السلطان شيئًا من ذلك خوفًا من مماليكه الأجلاب فإنهم رجموه في العام الماضي وأخرقوا به وبأمرائه غاية الآخراق ورجموه وهجموا عليه حيث كان ينحر الضحايا حتى إنه قام من مقامه فزعًا بعد أن أصاب جماعة من الأعيان الرجم. وفرغت هذه السنة وقد واستهلت سنة ستين وثمانمائة. فلما كان يوم الاثنين خامس المحرم نزلت المماليك الأجلاب من الأطباق وقصدوا بيت الوزير فرج بن النحال لينهبوا ما فيه وكأنه أحس بذلك وشال ما كان في بيته فلما دخلوا البيت لم يجدوا فيه ما يأخذونه فمالوا على من هو ساكن بجوار بيت فرج المذكور فنهبوهم بحيث إنهم أخذوا غالب متاع الناس ولا قوة إلا بالله. وفي يوم الأربعاء حادي عشرين المحرم ورد الخبر على السلطان بموت الأمير آقبردي الساقي نائب ملطية بها فرسم السلطان لجانبك الجكمي المعزول عن نيابة ملطية قبل ذلك بنيابة ملطية على عادته أولًا ورسم بأن يستقر في نيابة طرسوس عوضًا عن جانبك الجكمي آقباي السيفي جار قطلو وكان آقباي أيضًا ولي نيابة طرسوس قبل ذلك. وفي يوم
أخرق المماليك الأجلاب بعظيم الدولة الصاحب جمال الدين ناظر الجيش والخاص بغير سبب أوجب ذلك وشق ذلك على كل أحد ولم تنتطح فى ذلك شاتان. وفي يوم السبت ثامن عشر جمادى الأولى من سنة ستين أيضًا وصل قاصد السلطان محمد بن مراد بك بن عثمان متملك بلاد الروم وهو جمال الدين عبد الله القابوني وطلع إلى السلطان في يوم الثلاثاء وعلى يده كتاب مرسله يتضمن البشارة بفتح قسطنطينية والكتاب نظم ونثر وقفت عليه وعلى جوابه من السلطان من إنشاء القاضي معين الدين عبد اللطيف ابن العجمي نائب كاتب السر وأثبت الكتاب الوارد والجواب كليهما في تاريخنا " حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور " إذ هو محل ضبط هذه الأشياء. وفي يوم الخميس خامس عشر جمادى الآخرة من السنة أمسك السلطان الأمير زين الدين الأستادار ووضع في عنقه الجنزير وحطه إلى الأرض ليضربه ثم رفع من على الأرض بغير ضرب وحبس عند الطواشي فيروز الزمام والخازندار واستقر عوضه في الأستادارية سعد الدين فرج بن النحال الوزير واستقر علي بن الأهناسي البرددار وزيرًا عوضًا عن فرج المذكور. فلما سمعت المماليك الأجلاب بهذا العزل والولاية نزلوا من وقتهم غارة إلى بيت الأستادار لينهبوه فمنعهم مماليك زين الدين وقاتلوهم وأغلقوا الدروب. فلما عجزوا عن نهب بيت زين الدين نهبوا بيوت الناس من عند بيت زين الدين إلى قنطرة أمير حسين فأخذوا ما لا يدخل تحت حصر كثرة. واستمروا في النهب من باكر النهار إلى قريب العصر وفعلوا بالمسلمين أفعإلا لا تفعلها الكفرة ولا الخوارج مبالغة وهذا أعظم مما كان وقع منهم من نهب جوار بيت الوزير فرج فكانت هذه الحادثة من أقبح الحوادث الشنيعة التي لم نسمع بأقبح منها في سالف إلاعصار. ومن ثم دخل في قلوب الناس من المماليك الأجلاب من الرجيف والرعب أمر لا مزيد عليه لعلمهم أنه مهما فعلوا جاز لهم وأن السلطان لا يقوم بناصر من قهر منهم. ووقعت حادثة عجيبة مضحكة وهي أنه لما عظم رجيف الناس والعامة من هذه المماليك الأجلاب اتفق أن جهاز بنت الناصري محمد بن الثلاج الأمير آخور خرج من بيت أبيها إلى بيت زوجها الأمير جانبك قرا الأشرفي وحمل ذلك على رؤوس الحمالين والبغال كما هي عادة المصريين وسارت الحمالون بالمتاع فوقع من على رأس بعضهم قطعة نحاس فجفل من ذلك فرس بعض الأجناد فحنق الجندي من فرسه وضربه ثم ساقه فلم تشك العامة أن المماليك نزلوا إلى نهب حوانيت القاهرة فأغلقت القاهرة في الحال وماجت الناس وتعطلت المعايش وحصل على الرعية من الآنزعاج أمر كبير من غير موجب انتهى. وفي هذه الأيام كان الفراغ من مدرسة السلطان التي هدمها وبناها بالصحراء وقرىء بها ختمة شريفة وحضرت الأعيان من الأمراء وغيرهم ما خلا السلطان. ثم في يوم الاثنين ثالث شهر رجب من سنة ستين المذكورة أفرج السلطان عن زين الدين يحيى الأستادار ورسم له بأن ينزل إلى بيت الصاحب جمال الدين ليحمل ما تقرر عليه إلى الخزانة الشريفة وهو مبلغ عشرة إلاف دينار ثم ينفى بعد تغليقه المال إلى حيث يأمر به السلطان. ولما غلق ما ألزم به من المال سافر من يوم الاثنين أول شعبان إلى المدينة الشريفة من على طريق الطور. ثم سافر قاصد ابن عثمان إلى جهة مرسله في يوم الجمعة خامس شعبان وتبعه قاصد السلطان إلى ابن عثمان المذكور وهو السيفي قاني باي اليوسفي المهمندار. وفيه ورد الخبر على السلطان بأن السلطان إبراهيم بن قرمان صاحب لارندة وغيرها من بلاد الروم طرق معاملة السلطان واستولى على مدينة طرسوس وأذنه وكولك فغضب السلطان من ذلك وأمر بخروج تجريدة من الديار المصرية لقتال ابن قرمان المذكور وعين جماعة من الأمراء والمماليك يأتي ذكرهم عند سفرهم من القاهرة. وفي يوم الأربعاء ثالث عشرين شهر رمضان نودي بالقاهرة من قبل السلطان بعدم تعرض المماليك الأجلاب إلى الناس والباعة والتجار فكانت هذه المناداة كضرب رباب أو كطنين ذباب. واستمروا على ما هم عليه من أخذ أموال الناس والظلم والعنف حتى غلت إلاسعار في سائر الأشياء من المأكول والملبوس والغلال والعلوفات وصاروا يخرجون إلى ظواهر القاهرة ويأخنون ما يجدون من الشعير والتبن والدريس بأبخس إلاثمان إن أعطوا ثمنًا وإن شاؤوا أخذوه بلا ثمن وكل من وقع له ذلك معهم لم يعد ثانيًا إلى بيع ذلك الصنف إلا أن يكون محتاجًا لبيعه فعزت لذلك هذه إلاصناف بحيث إنها صارت أقل وجودًا من أيام الغلاء فصار هذا هو الغلاء بعينه وزيادة على الغلاء عدم الشيء. ثم شرعوا في نهب حواصل البطيخ الصيفي وغيره. ثم تزايد أمرهم وشرعوا يفعلون ذلك مع تجار القماش وغيره فغلت جميع إلاسعار مع كثرتها عند أربابها فضر ذلك بحال الناس قاطبة رئيسها وخسيسها وهذا أول أمرهم وما سيأتي فأهول. وفي يوم الاثنين الحاج وهو الأمير قانم من صفر خجا أحد مقدمي الألوف وسار إلى البركة دفعة واحدة فكان عادة أمراء المحمل النزول بالمحمل إلى الريدانية فبطل ذلك وصاروا يتوجهون إلى البركة في مسير واحد وأمير الركب الأول عبد العزيز بن محمد الصغير أحد الأجناد. وفي هذه الأيام كانت عافية الصاحب جمال الدين ناظر الجيش والخاص من مرض أشرف فيه على الموت وطلع إلى القلعة وخلع السلطان عليه ونزل إلى داره في يوم مشهود لم ير مثله إلا نادرًا. وفي يوم الخميس سابع عشرين ذي القعمة استقر الأمير سودون النوروزي السلاح دار أحد أمراء الطبلخانات في نيابة قلعة الجبل بعد موت قاني باي إلاعمش الناصري وأنعم السلطمان بإقطاع قاني باي المذكور على ولده الصغير المقام الناصري محمد وإلاقطاع إمرة عشرة. واستهلت سنة إحدى وستين وثمانمائة يوم الاثنين الموافق لثالث كيهك أحد شهورالقبط. فلما كان يوم السبت سادس المحرم ضرب السلطان والي القاهرة خيربك القصروي وعزله عن ولاية القاهرة وحبسه بالبرج على حمل عشرة إلاف دينار فدام في البرج إلى أن أطلق في يوم عاشره واستقر عوضه في ولاية القاهرة علي بن إسكندر واستقر في نقابة الجيش الأمير ناصر الدين بن أبي الفرج على عادته أولًا عوضًا عن علي بن إسكندر المذكور. وفي يوم السبت هذا نودي أيضًا على الذهب بأن يكون صرف الدينار الذي هو وزن درهم وقيراطين ثلاثمائة درهم نقرة وكان بلغ صرفه قبل ذلك إلى ثلاثمائة وسبعين نقرة وأضر ذلك بحال الناس زيادة على ما هم فيه من أمر المماليك الأجلاب. وفي يوم الاثنين خامس عشر المحرم المذكور ورد الخبر على السلطان بموت يشبك حاجب حجاب طرابلس فرسم باستقرار شاد بك الصارمي عوضه في حجوبية الحجاب والمتوفى والمولى كلاهما ولي بالبذل. وفي يوم الخميس ثالث صفر ثارت المماليك الأجلاب على السلطان وأفحشوا في أمره إلى الغاية. وخبر ذلك أن السلطان لما كان في يوم الخميس المذكور وهو جالس بقاعة الدهيشة وكانت الخدمة بطالة في هذا اليوم وذلك قبل أن يصلي السلطان الصبح وإذا بصياح المماليك فأرسل السلطان يسأل عن الخبر فقيل له إن المماليك أمسكوا نوكار الزردكاش وهددوه بالضرب وطلبوا منه القرقلات التي وعدهم السلطان بها من الزردخاناه السلطانية فحلف لهم أنه يدفع لهم ذلك في أول الشهر فتركوه ومضوا فلقوا الشيخ عليًا الخراساني الطويل محتسب القاهرة وهو داخل إلى السلطان فاستقبلوه بالضرب المبرح المتلف وأخذوا عمامته من على رأسه فرمى بنفسه إلى باب الحريم السلطاني حتى نجا. وأما السلطان لما فرغ من صلاة الصبح نزل وقعد على الدكة بالحوش على العادة ثم قام بعد فراغ الخدمة وعاد إلى الدهيشة وإذا بالصياح قد قوي ثانيًا فعلم أن ذلك صياح الأجلاب فأرسل إليهم الأمير يونس الدوادار فسألهم يونس المذكور عن سبب هذه الحركة فقالوا: " نريد نقبض جوامكنا كل واحد سبعة أشرفية ذهبًا في كل شهر ". وكانت جامكية الواحد منهم ألفين قبل تاريخه يأخذها ذهبًا وفضة بسعر الذهب تلك الأيام فلما غلا سعر الذهب تحيلوا على زيادة جوامكهم بهذه المندوحة ثم قالوا: " ونريد أن تكون تفرقة الجامكية في ثلاثة أيام أي على ثلاث نفقات كما كانت قديمًا ونريد أيضًا أن يكون عليقنا السلطاني الذي نأخذه من الشونة مغربلًا ويكون مرتبنا من اللحم سمينًا " فعاد الأمير يونس إلى السلطان بهذا الجواب ولم يتفوه به إلى السلطان وتربص عن رد الجواب على السلطان حتى يفرغ السلطان من أكل السماط فأبطأ الخبر لذلك عن الأجلاب فندبوا مرجانًا مقدم المماليك للدخول بتلك المقالة إلى السلطان فدخل مرجان أيضًا ولم يخبر السلطان بشيء حتى فرغ من أكل السماط فعند ذلك عرفه الأمير يونس بما طلبوه فقال السلطان: " لا سبيل إلى ذلك " وأرسل إليهم مرجانًا المقدم يعرفهم مقالة السلطان فعاد مرجان ثانيًا إلى السلطان بالكلام الأول. وصار يتردد مرجان بين السلطان والمماليك الأجلاب نحو سبعة مرار وهم مصممون على مقالتهم والسلطان ممتنع من ذلك. وامتنع الناس من الدخول والخروج إلى السلطان خوفًا من المماليك لما فعلوه مع العجمي المحتسب. فلما طال الأمر على السلطان خرج هو إليهم بنفسه ومعه جماعة من الأمراء والمباشرين وتوجه إلى باب القلة حيث يجلس مقدم المماليك والخدام فوجد المماليك قد اجتمعوا عند رحبة باب طبقة المقدم فلما علموا بمجيء السلطان أخذوا في الرجم فجلس السلطان بباب القلة مقدار نصف درجة ثم استدرك أمره لما رأى شدة الرجم وقصد العود إلى الدهيشة ورسم لمن معه من الأمراء أن ينزلوا إلى دورهم فامتنعوا إلا أن يوصلوه إلى باب الحريم فعاد عليهم الأمر فنزلوا من وقتهم وبقي السلطان في خواصه وجماعة المباشرين وولده الكبير المقام الشهابي أحمد. فلما سار السلطان إلى نحو باب الستارة ووصل إلى باب الجامع أخذه الرجم المفرط من كل جهة فأسرع في مشيته والرجم يأتيه من كل جانب وسقط الخاصكي الذي كان حامل ترس السلطان من الرجم فأخذ الترس خاصكي آخر فضرب الآخر فوقع وقام وشج دوادار ابن السلطان في وجهه وجماعة كثيرة وسقطت فردة نعل السلطان من رجله فلم يلتفت إليها لأنه محمول من تحت إبطيه مع سرعة مشيهم إلى أن وصل إلى باب الستارة وجلس على الباب قليلًا فقصدوه أيضًا بالرجم فقام ودخل من باب الحريم وتوجه إلى الدهيشة. واستمر وقوف المماليك على ما هم عليه إلى أذان المغرب. فبعد صلاة المغرب نزل الصاحب جمال الدين ناظر الجيش والخاص من باب الحريم إلى القصر وتوصل منه إلى الإسطبل السلطاني وخرج من باب السلسلة وتوجه إلى داره ونزل الأمير بردبك الدوادار الثاني وصهر السلطان من الميدان ماشيًا فوجد فرسه تحت القلعة فركبه وتوجه إلى داره وكذلك فعل جانبك المشد وجانبك الخازندار وغيرهم. وبات القوم وهم على وجل والمماليك يكثرون من الوعيد في يوم السبت فإنهم زعموا أن لا يتحركوا بحركة في يوم الحمعة مراعاة لصلاة الجمعة. وأصبح السلطان وصلى الجمعة مع الأمراء على العادة فتكلم بعض الأمراء مع السلطان في أمرهم بما معناه أنه لابد لهم من شيء يطيب خواطرهم به ووقع إلاتفاق بينهم وبين السلطان على زيادة كسوتهم التي يأخذونها في السنة مرة واحدة وكانت قبل ذلك ألفين فجعلوها يوم ذاك ثلاثة إلاف درهم وزادوهم أيضًا في إلاضحية فجعلوا لكل واحد ثلاثة من الغنم الضأن فزيدوا رأسًا واحدًا على ما كانوا يأخذونه قبل ذلك. ثم رسم لهم أن تكون تفرقة الجامكية على ثلاث نفقات في ثلاثة أيام من أيام المواكب فرضوا بذلك وخمدت الفتنة. وقد انتفعت جميع المماليك السلطانية بهذه الزيادات فإنها لست بمختصة بالأجلاب فقط وإنما هي لمجميع مماليك السلطان كائنًا من كان فحمدت المماليك والناس جميعًا فعلهم لما جر إليهم من المنفعة. قلت: هذا هو إلاحتمال الذي يؤدي إلى قلة المروءة فإنه لو أراد لفعل بهم ما شاء غيرأنه كما ورد: " حبك للمرء يعمي ويصم " انتهى. وفي هذه الأيام ترادفت الأخبار من الأمير جانم الأشرفي نائب حلب بحركة ابن قرمان فلهج السلطان بخروج تجريدة لقتاله بعد انفصال فصل الشتاء.
|